وضعت قرارات عزل رؤساء جماعات ومنتخبين بارزين، خلال الفترة الأخيرة، آخرها قرار عزل رؤساء بجهة الدار البيضاء-سطات، الأحزاب السياسية، المخول لها منح تزكية الترشح، أمام فوهة الانتقادات بسبب اختياراتها وبحثها عن المقاعد دون النظر في ملفات المترشحين.
ووُضعت أحزاب سياسية عُزِل واعتقل رؤساء ترشحوا باسمها، لتورطهم في ملفات فساد واختلالات إدارية، في موقف صعب، بالنظر إلى كونها سعت إلى الظفر بالمجالس الجماعية دون تأطير المنتسبين إليها في التسيير والتدبير.
الباحثة في الشأن السياسي شريفة لموير، اعتبرت أن قرارات العزل التي طالت مجموعة من المنتخبين بناء على تقارير وزارة الداخلية، “مؤشرا صحيا للمشهد السياسي بالمغرب، تفعيلا لمبدأ اقتران المسؤولية بالمحاسبة”.
وسجلت لموير، ضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن قرارات العزل والأحكام القضائية الصادرة في هذا الصدد، “تحمّل الأحزاب التي تمنح تزكية الترشح المسؤولية السياسية”، موضحة أن “مسؤوليتها تتلخص في حصد أصوات الناخبين بغض النظر عن مرشحيها ونزاهتهم”، موردة أن هذا الوضع “يوضح أن الأحزاب السياسية زاغت عن أدوارها الدستورية التي ترتكز على تخليق المشهد السياسي والقطع مع محترفي الانتخابات”.
وأشارت الباحثة نفسها إلى أن هذا الزلزال القضائي الذي هز ولا يزال الجماعات الترابية، “يوضح أن الأحزاب السياسية تتخذ من هؤلاء المنتخبين استراتيجية لحصد أكبر عدد من الأصوات خلال المحطات الانتخابية”، معتبرة أن إغراق المجالس بالأعيان “من شأنه عرقلة مسار التنمية الذي انخرط فيه المغرب، ومن ذلك الفشل في التدبير والفشل لا محالة في رهان تخليق المشهد السياسي بالمملكة”.
وأمام هذا الوضع، ترى المحللة السياسية ذاتها أن “الأوان قد آن لإصلاح النظام الانتخابي، إذ أصبح ضرورة ملحة، خاصة ونحن مقبلون على محطة انتحابية. لذلك، يجب تحيين قانون الجماعات الترابية، من خلال فرض شروط صارمة للترشح، ومن أجل جزر الأحزاب السياسية على التمادي في إغراق لوائح مرشحيها بمحترفي الانتخابات والقطع مع النظرة البراغماتية لديها”.
وأكدت لموير أن المشهد السياسي “في ظل الصحوة التي تشهدها الساحة اليوم، يلزم مباشرة إصلاح سياسي عبر تخليق الحياة الحزبية، وتبني مقاربة ترتكز على الارتقاء بالتمثيلية السياسية وتجاوز ما تعرفه الأحزاب من فساد في منح التزكيات”.
من جهته، قال محمد سقراط، رئيس المنظمة المغربية لحماية المال العام ومحاربة الفساد، إن “عملية انتقاء المترشحين من طرف الهيئات السياسية أضحت تتطلب إعادة النظر وتجاوز الطريقة الكلاسيكية المعتمدة على من سيكسب الأصوات والمقعد”.
واعتبر سقراط، ضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن ما يتم تسجيله من اختلالات وما ترصده تقارير الهيئات الرسمية من مفتشية الداخلية والمجلس الأعلى للحسابات، “يكشف ضعفا لدى الكثير من الوجوه التي تعتمد عليها الأحزاب في الجماعات”، مستغربا تشبث الأحزاب بترشيح أسماء تحوم حولها شبهات فساد.
وشدد الفاعل الحقوقي على أنه “بات لزاما اليوم على الأحزاب السياسية إعادة النظر في طريقة اختيار المترشحين، لا سيما لمنصب المسؤولية، من خلال وضع نظام داخلي بشروط صارمة يكون على رأسها التوفر على مستوى دراسي جيد، ونظافة اليد”.
كما أكد المتحدث نفسه أن القوانين الانتخابية، وعلى رأسها القانون التنظيمي للجماعات، “يجب تحيينها وفرض شروط صارمة لاختيار الرؤساء الذين سيشرفون على عملية التدبير وصرف المال العام”.