تستمر الجهود المبذولة من طرف المملكة المغربية في تقليل المخاطر الناتجة عن الألغام ومخلفات الحرب القابلة للانفجار والأجهزة المتفجرة المرتجلة (العبوات الناسفة)، التي تتسبب دوريا في حصد الأرواح البشرية وتسجيل العديد من الإصابات الخطيرة بالأقاليم الجنوبية للمملكة.
ويشكل موضوع التنقيب عن الألغام والمنظومات المفخخة المنتشرة في المجال الصحراوي المغربي، الموضوعة بشكل عشوائي من طرف ميليشيات “البوليساريو” الانفصالية، والحد من خطرها، (يشكل) أساسا لالتزام السلطات المغربية بالأسس والأهداف والمبادئ الإنسانية لاتفاقية حظر الألغام المضادة للأفراد.
كما يسهر الهلال الأحمر المغربي، بالتنسيق مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر والسلطات المحلية بجهة العيون-الساقية الحمراء، على تنظيم حملات تحسيسية وتوعوية بمخاطر الظاهرة، يستفيد منها الأطفال والنساء والرجال بالمجالين الحضري والقروي.
في هذا الصدد، قام مكتب الهلال الأحمر المغربي بالعيون بتدشين حملات تحسيسية واسعة تحت شعار “معا للحد من مخاطر الألغام”، من شهر ماي الماضي إلى غاية عشت الجاري، استهدفت تلاميذ المؤسسات التعليمية وسكان مختلف أحياء مدينة العيون، كبرى حواضر الصحراء المغربية.
الحملة التي ينفذها أعضاء فرع العيون، شملت توزيع مطويات (dépliants) تتضمن رصد أنواع ومخاطر وكوارث الألغام والمقذوفات، والمناطق والمساحات التي تتضمن علامات تحذيرية بوجود حقول ألغام ومخلفات الحرب فيها، وكيفية التعامل معها، إضافة إلى التوعية بطرق التواصل مع الجهات المعنية وإبلاغها بوجود ألغام للتخلص منها بشكل آمن.
على المستوى القروي، استفاد من هذه الحملات عدد كبير من مربي الماشية بكل من جماعتي الدشيرة وبوكراع، كما شكلت فرصة للتعرف على مخاطر الألغام وطرق التعامل معها والتوعية بضرورة التواصل مع الجهات المعنية للتخلص منها وتحييد أخطارها.
التوعية والتحسيس
تعليقا على هذا الموضوع، قال سيدي الحسين العلوي، مدير مكتب الهلال الأحمر المغربي بالعيون، إن الحملات التحسيسية التي أطلقها المكتب بالتنسيق مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر والسلطات المحلية بجهة العيون-الساقية الحمراء، “تدخل في إطار المشروع المسطر بين اللجنة الدولية والهلال الأحمر المغربي في مجال التوعية والتحسيس بمخاطر الألغام ومخلفات الحرب غير المنفجرة”.
وأضاف العلوي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن عدد هذه الحملات التحسيسية “بلغ 14 حملة واسعة على المستويين الحضري والقروي، ابتداء من شهر ماي إلى غاية شهر غشت 2024″، لافتا إلى أن “الحملات التوعوية الثماني الأولى استهدفت ما مجموعه 918 تلميذا بالمؤسسات التعليمية، فيما بلغ عدد المستفيدين في أربع حملات متتالية ما مجموعه 1921”.
وأشار مدير مكتب الهلال الأحمر المغربي بالعيون إلى أن “الحملات شملت كذلك المجال القروي باعتباره الأكثر عرضة لمخاطر الألغام، بحيث عرفت جماعة بوكراع وجماعة الدشيرة، يومي 23 و24 من الشهر الجاري، تنظيم 03 حملات استهدفت ساكنتهما، وقد بلغ عدد المستفيدين 925 شخصا”.
وسجل المتحدث ذاته أن “عملية التوعية هذه ساهمت في تحسيس المستفيدين بمخاطر الألغام، وحثهم على الابتعاد من المخلفات الحربية والأجسام المشبوهة، مع ضرورة إبلاغ السلطات بكل ما يثير إنتباههم”.
جهود المملكة
وعلى الرغم من هذه الجهود، إلا أن الإحصائيات تشير إلى أن المغرب سجل 813 حالة وفاة و2707 ضحايا لحوادث الألغام والبقايا المتفجرة للحرب بالأقاليم الجنوبية للمملكة بين عامي 1975 و2021.
وفي هذا السياق، تعمل السلطات المغربية على التكفل بضحايا الحوادث المرتبطة بالألغام المضادة للأفراد، وتمكينهم من الدعم الطبي والمصاحبة النفسية والاجتماعية اللازمتين، وفقا للإطار التشريعي الوطني، الذي يضمن تعويضات لجميع ضحايا الألغام والمتفجرات من مخلفات الحرب بغض النظر عن مصدرها.
كما ينخرط المغرب بكيفية ملموسة في تطبيق مقتضيات الاتفاقية الموقعة مع بعثة المينورسو في العام 1999، المتعلقة بـ”تبادل المعلومات، ووضع علامات على مناطق الألغام، وإزالتها، وتدمير الألغام والمخلفات المتفجرة للحرب”، إلى جانب تخصيص وحدات متخصصة في إزالة الألغام وتفعيل مئات الفرق لرصد وإزالة أو تفجير الألغام، بالإضافة إلى تطهير المساحات من البقايا المتفجرة للحرب.