شهدت الأقاليم الجنوبية المغربية خلال الأسبوع الماضي تساقطات مطرية رعدية قوية، خصوصا بالعيون والسمارة، أدت إلى إحداث بعض الخسائر على مستوى البنية التحتية الطرقية، مما استدعى تدخلات من المصالح الجهوية لوزارة التجهيز والماء، إذ وصل حجم التساقطات خلال مدة قصيرة إلى 35 ملمترا، قبل أن تعرف مناطق ميدلت وتنغير الوضعية ذاتها تقريبا.
وفي أحدث التقارير العلمية بخصوص هذا الموضوع، كشفت منصة “سيفر ويذر يوروب” المتخصصة في مجال الأرصاد والتنبؤات الجوية، استنادا إلى المعطيات التي توفرها مراصدُ الطقس بالقارة الأوروبية، أن “الهطول الكبير للأمطار بالمجال المنتمي للصحراء الكبرى لا يحدث إلا مرة في العقد الواحد في المتوسط، مما يُنم عن حدوث تغير في الطقس”.
المنصة ذاتها ذكرت أن “الصحراء الكبرى الممتدة من المحيط الأطلسي غربا إلى البحر الأحمر شرقا، التي تعتبر من أكثر الأماكن جفافا بالعالم، لا تتلقى سوى القليل من الأمطار سنويا على الرغم من مساحتها المقدرة بحوالي 9,2 مليون كيلومتر مربع”، لافتة إلى “انحراف هطول الأمطار عن المعدلات العادية لشهر غشت الجاري على مدار السنوات الـ53 الماضية، إذ كانت هناك 4 سنوات فقط شهدت شذوذا مناخيا إيجابيا قويا وهطول أمطار أعلى من المعدلات بكثير”، قبل أن تشير إلى أن “العام الجاري على مستوى المنطقة ذاتها من الممكن أن يكون أكثر الأعوام رطوبة”.
تفاعلا مع الموضوع وما أدى إليه من زخات مطرية القوية بالصحراء المغربية ومن ثم باقي المناطق المغربية خلال الأيام الماضية، قال الحسين يوعابد، المكلف بالتواصل بمديرية الأرصاد الجوية التابعة لوزارة التجهيز والماء، إن “الفترة التي توافق نهاية الصيف عادة ما تتميز بصعود استثنائي لما يسمى الجبهة المدارية (FIT) في المناطق الجنوبية للبلاد، حيث تتحرك هذه الجبهة شمالا وجنوبا حسب الموسم، بينما يرتكز هذا النظام الجوي عادة في المناطق المدارية”.
يوعابد شرح لهسبريس أن “هذه الجبهة تبقى أحد الأنظمة الجوية الرئيسية المؤثرة في المناطق المدارية وشبه المدارية، وتساهم في تشكل السحب الرعدية والاضطرابات الجوية، وهو ما جرى بالمنطقة سالفة الذكر بعد تشكل كتل هوائية غير مستقرة وغنية بالرطوبة”.
وأضاف أن “هذا النظام المداري لم يقتصر فقط على المناطق الجنوبية، بل امتد خلال يوم الجمعة الماضي إلى مناطق شرق الأطلس الكبير والمتوسط حيث سجلت تساقطات مطرية مهمة مصحوبة بحبات البرد وهبات رياح قوية”، موضحا أن “هذه الأمطار التي تسقط في وقت قصير تؤدي إلى تشكل السيول، خاصة في المناطق ذات التضاريس الوعرة، مثل الراشيدية وميدلت وورزازات”.
وزاد يوعابد: “خلال هذا الأسبوع هناك تراجع للجبهة المدارية (FIT) نحو الجنوب، وهذا لا يمنع تشكل سحب مستقرة مصحوبة بزخات مطرية رعدية محليًا مهمة بمرتفعات الأطلس المتوسط وشمال الأطلس الكبير والريف والساحل المتوسطي والشرق، وذلك نتيجة اقتراب منخفض جوي بأقصى شمال البلاد”.
وبيّن مسؤول التواصل بمديرة الأرصاد الجوية أن “بلدنا قد يشهد ابتداء من يوم الأربعاء 4 شتنبر المقبل صعودا استثنائيا جديدا للجبهة المدارية (FIT) إلى مناطقنا الجنوبية، مما سيساهم مرة أخرى في حدوث عواصف رعدية قد تكون قوية محليًا بالأقاليم الجنوبية، مرتفعات الأطلس، والسفوح الشرقية للبلاد، خاصة وأنها قد تتزامن مع هبوط كتل باردة في الأجواء العليا نتيجة اقتراب منخفض جوي من أقصى شمال البلاد، وبالتالي تلاقي الكتل الهوائية قد يزيد من حدة السحب الرعدية في جنوب وجنوب شرق البلاد، وكذلك مرتفعات الأطلس والشرق”.
وقال يوعابد: “بما أن التوقعات تتعلق بفترة بعيدة نسبيا، فإن المديرية العامة للأرصاد الجوية تتابع الوضع الجوي عن كثب وبشكل مستمر، وتقوم بإصدار نشرات إنذارية استباقية في الحالات القصوى”.